Sunday, December 19, 2010

اللاطمأنينة


البنت
التي كان قلبها يتفتت
كلما لوث أحدهم الحائط الأبيض بيده
أو خُدشت طاولة الطعام ذات المقاعد الستة،
التي اكتشفت اتساع جسدها بحرية
داخل قميص النوم
أول مرة ترتديه أمامه،
و بكت بحرقة لأن قطعة من زجاج النجفة
تهشمت فوق رأسه
فأخذت تقبله كالدجاج
في منبع الدم الذي انفجر
حتى توقف

صارت تمقت الحوائط البيضاء والنجف الزجاجي،
حولت طاولة السفرة إلى دولاب ملابس أفقي
تحفر عليه حروف اسمها الأولى حين الملل،
وضعت المقاعد الستة مقلوبة فوق بعضها
علها تنجح في ممارسة الحب بدلا منها،
توقفت عن توزيع القبلات بعشوائية على الجرحى،
وكومت كل قمصان النوم
في حقائب بلاستيكية سوداء كبيرة
تستخدم عادة للقمامة

Wednesday, December 08, 2010

العلامات

 Strange but effective

بالتأكيد لم يكن يعرف أنها ستظل أياما تفكر في معنى ما كتبه لها ذات يوم.. غريبة ومؤثرة.. هي لم تكن غريبة، كانت تشعر بعاديتها، كونها نسخة من كل الناس، بالمعنى الحرفي للكلمة، هي تشبه كل البنات، ليست جميلة، ليست مضحكة، ليست أي شيء. كانت عادية ربما أكثر مما ينبغي، للدرجة التي جعلتها تخنق نفسها بقطعة قماش للأبد حتى لا تظل منبوذة من صاحباتها.
كانت الأيام سخيفة بشكل لا يصدق. تنتظر فقط طلته اليومية، تعبيراته التي لم يكن أحد يفهمها غيرها، تفاصيل وجهه التي تعلمت منها كيف تستشف حالة الناس المزاجية دون أن يتفوهوا بكلمة، والأنشطة السرية التي كانت تشاركه إياها، حتى لو كانت مجرد أجزاء من مسرحيات وقصص إنجليزية يطلب منها أن تقرأها وتخبره برأيها فيها.

Distinguished

تلك هي المرة الأولى التي بحثت فيها عن قاموس في المكتبة وحاولت أن تعرف المعنى، كما كانت تلك هي المرة الأولى التي تأكدت فيها أن المعنى لا يكفي غالبا، وأن الإدراك هو الأهم، وهي لم تكن تملك أيهما بعد. ودت لو كانت أخبرته أنها سهرت للمرة الأولى في حياتها تفكر في " الما وراء" وعلاقته بالأحداث اليومية، وأنها تعتبره أقرب إنسان لها في الوجود، وأنها مدينة له بالكثير إلى آخر حياتها، لكنها خافت. الظنون تتلاعب بكل العقول فلماذا يكون هو الاستثناء؟ الظنون تلاعبت حتى بعقل أبيها حول علاقتها بالغامض، رغم كل تأكيداتها وتأكيداته أن لاشيء هناك، وأن الأمر أسمى من اختزاله في هذا الضيق.
هنا، ابتعد، صارت بالنسبة له حقل ألغام، لكنه استمر في التحليق حولها من بعيد، وسقايتها بالعلامات وشد عودها لأعلى بدلا من أن ينحني. ولم تكن تعرف هي أن ذلك كان أفضل بكثير، هكذا كان الدرس الثاني، عندما تتحول العلاقات القريبة البعيدة الملتبسة إلى علاقات distinguished!

 You'll suffer greatly
 
في السنة الأخيرة، كانت تلك نبؤته لها. لم يعتذر عن تشاؤم القول، لم يطمأنها أنه يمزح فقط وإنما أكد على كلماته بإصرار، مذكرا إياها بالاستمرار كشجرة، لا كفرع معوج حله الوحيد البتر. أخبرته أنه استمر طيلة سنوات في إقناعها بالتخلي عن تشاؤمها السخيف وكانت هي ترفض، لأنه رغم سخفه مألوف، لأن تشاؤمها كان درعها الحميم الغالي ضد الخيبات المتتالية، ولم يتركها عارية ولو مرة، فلماذا يعيده إليها الآن؟
ذلك اليوم، ابتسم، بدا حكيما جدا وهو يؤكد أن القادم أسوأ وعليها أن تتحمل. كانت دوما متأكدة من عدم اكتمال مشاريع حياتها بشكل طبيعي، كأن تحب ولا تتزوج، أو تتزوج ولا تنجب، أو تتزوج وتطلق، أو تتزوج وتنجب طفلا غير طبيعيا.. تلك الأحداث الحياتية الطبيعية كانت دائما في مخيلتها منقوصة. شعرت يومها لأول مرة أنه لا عدل في ذلك النقصان، ولا عدل أن يعيد إليها أشباحها الآن بعدما خطفهم منها في البداية. غضبت كثيرا وقالت له: خذلتني!
ذلك اليوم، كان الأخير الذي رأته فيه حقيقة. الآن، يكتفي بالظهور كل فترة ليخبرها أن حياتها على وشك التحول بشكل دراماتيكي جدا، وأن الاستعداد واجب، بعدها تستيقظ.


Saturday, November 13, 2010

سكينة

God grant me the serenity
To accept the things I cannot change
Courage to change the things I can
Wisdom to know the difference
Patience for the things that take time
Freedom to live beyond the limitations & my past
The strength to get up & try again
Even when I feel it is hopeless.

Friday, November 12, 2010

عن الإصبع الكبير



تخيل ما يشعر به إصبع القدم الكبير.. إنه بدين ومحني، وأحيانا يتصبب عرقًا وتكون رائحته غير مستحبة. إنه ليس جميلا كالشعر، ولا يلمع كالعيون، ولا يستمتع بسماع الموسيقى كالآذان، أو يتذوق الطعام اللذيذ كاللسان..

لن يسترعي إصبع القدم الكبير انتباه أحد ليقول: "ما أروعك وما أحلاك وما أذكاك أيها الإصبع!" ولكنك دون هذا الإصبع لا يمكنك الجري وستتعرض لمشكلات في السير.. إن الإصبع الكبير في غاية الأهمية، مثل البطل الخفي فائق القوة.

ربما ظننت أنك بدين إلى حد كبير، أو نحيف للغاية، أو طويل جدًا، أو قصير جدًا، أو بوجهك بعض النمش، أو أن أذنيك ضخمتان، أو أن شعرك مجعد للغاية.. إن هذا يشبه القول بأن شعرك مفرود تمامًا، أو أن نقاط النمش مستديرة تمامًا.

في الواقع أنت لست ".... للغاية"، أنت ببساطة شديدة كما أنت، وهذا هو مظهرك.. هذا ما تبدو عليه.. دون زيادة أو نقصان، إنك لا تشبه أحدا آخر.


من كتاب "كن نجمًا متألقًا.. دليل الصغار الذين يشعرون أنهم مختلفون"
تأليف: سوزان أوكيفي

Saturday, October 30, 2010

عطب


لا تربت على كتف أحد
ولا تمنح المفقود
..من مجرد نظرة
المرايا
ظلال
مشوهة
ومنقوصة
 
 
Painting: "Summer Interior" by Edward Hopper

Thursday, October 28, 2010

الخروج إلى النهار




تعرف أن سمعي ليس جيدًا بما يكفي، لذا كنت أنحني كل نصف ساعة تقريبًا على وجهك، وأرهف مسام وجهي لتشعر بنسمات الهواء الصادرة عنك دون صوت. أوقات أخرى، كنت أضع وجنتي على صدرك لأتأكد من علوه وهبوطه، وأحاول أن أنام على دقات قلبك المتقطعة.
في صباح اليوم الحادي والثلاثين، كان الظلام قد احتل روحي تمامًا. أغلقت الستائر التي كنت أكرهها، والتلفزيون والهاتف لئلا أجرح مشاعر الأسود. دلفت إلى الغرفة الكئيبة. وضعت كفي برفق على جبينك العريض الذي كنت أعشق تقبيله، وهمست في أذنك "أنا هنا.. مُت الآن".

Painting: Vampire love and pain by Edvard Munch

Saturday, October 23, 2010

والسحاب كان مثل ندف الثلج المدرج



للمرة الأولى ألاحظ أن للقرميد لون
بل عدة ألوان
تخيل
كان القرميد أزرق وأحمر وبلون الكاكاو

للمرة الأولى
 أكتشف أن الشجرة المجاورة لسلم محطة المترو
لها أوراق حمراء ونبيذية اللون
رغم إنها تنمو فوق الكوبري

للمرة الأولى
أراني ربما أجمل قليلا مما كنت أتصور
عندما نظرت مرة بالصدفة في زجاج سيارة
كانت مارة بجواري

تخيل
لاحظت كل هذا فقط
لأنك ابتسمت وأنت تقول لي:
صباح الخير!

Wednesday, October 20, 2010

Sunday, October 17, 2010

Memory Full

أريح كتير
إني أكتب لك
"وحشتني"
وأنسى بعدها
إني عملت
زي كل مرة
"Save to drafts"

Thursday, October 07, 2010

متطلبات الحياة اليومية


كان يجب أن أخبرك أن ابتسامة صادقة غير مبررة إليك، يجب أن يكون الرد عليها حضنا كاملا، وش كدة، لا ابتسامة مماثلة كرد فعل نيوتن أو كلمة شكر مبتذلة أو دعوة بالخير.. هذه الأشياء -في وجه ابتسامة تريد أن تخبرك كم أنت جميل- هذه الأشياء كلها وقتها إهانة بنت كلب بجد!

Sunday, October 03, 2010

دروس مستفادة

1- الوحي لا يأتي بالقهوة ولا بالمقاهي البرجوازية ولا بأمسيات الشعر. الوحي يأتي فقط عندما يريد أن يأتي، ولا سبيل آخر لإجباره.

2- تجاهل المعارك الجانبية اليومية لا يذهب هباء، هو من ناحية يريحك جدا من آلام القولون العصبي الناتجة عن الغضب اليومي، لكنه سيصيبك بجلطة في النهاية بسبب الكبت المستمر.

3- القراءة لا تجدي وقت الاكتئاب. في الحقيقة، لا شيء.

4- اللامبالاة تعني ألا تبالي، حرفياً.

5- الحقوق الحصرية موجودة فقط في شركات الإنتاج، لكنها لا تنطبق على البشر والعلاقات بشكل عام.

6- الرحيل وحده هو ما يمنح العلاقات البشرية القيمة والخلود.

7- الموتى مقدسون، مهما فعلوا.

8- القاهرة لا تصلح للحب، ولا لأي نشاط روحاني، ولا للمشي حتى.

9- "عقلية التاجر" شيء ليس سيئا للغاية، إلا لو كنت فاشلا في استخدامها.

10- الجمبري ممتع، طالما ليس مسلوقاً.

11- هناك نوع من البشر، لطيف جدا وطيب ومخلص، لكنك ببساطة يمكن ألا تطيق التواجد معه في مكان واحد، وهذا يسمى: الكيمياء!

12- معظم المثقفين مدعين.

13- التاريخ يكرر نفسه بغباء ووضوح كل مرة، لهذا يجب ألا تصدق -بغباء- أنه سيتغير كل مرة.

14- صوتك العالي –ليس دائما- دليل على ضعف موقفك. الصوت العالي يعني أنك متحمس، أو غاضب وتريد أن ينتهي الأمر بأبسط الطرق الممكنة، أو ببساطة سمعك ليس جيدا بما فيه الكفاية.

15- التدخين لطيف أحيانا.

16- الخروج لشراء ملابس جديدة كل 3 أيام مع استمرار الشعور بعدم البهجة معناه الوحيد: الاكتئاب الحاد.

17- زملاء العمل يستحسن أن يظلوا كذلك.

18- مصر ليست أم الدنيا، ولا حتى خالتها. مصر أوشكت على أن تكون نقيض الدنيا (الحياة).

19- تلك الأصوات الداخلية التي تحاول دائما إخبارك بشيء سخيف ما، صدقها، فهي غالبا تفهم أكثر منك.

20- هناك - أكيد- سبب أهم من الحضن لكي يتزوج الناس من أجله!

21- الصداع ليس دليلا على العبقرية.

22- الأسوأ فعلا لم يأت بعد، لهذا لا يوجد حد أقصى للسفالة.

23- النسبية المطلقة عنصرية مضادة.

24- الزحام ليس غطاء، ولا يمنح الأمان. الزحام هو بالضبط "محدش".

25- كل مرة ستتعهد ألا تخلق تفاصيل أو ذكريات، ستجد نفسك غارقا في مستنقعها في النهاية.

26- الفشل فشل، ليس عثرة، ولا "إشارة مرور"، ولا مطب صناعي.

27- بدايات الحب دائما لطيفة، بقيته تقتله ببطء.

28- إذا كان رأسك "ميدان رمسيس"، فاحذر لأن عربات الإسعاف لا تصل أبدا لميادين الرأس.

29- الناس بشكل عام ولاد كلب.

30- لا تفرط في القلب كله، أبدا.

Sunday, September 26, 2010

بكل بساطة

أفقد تركيزي بسهولة، و أنسى كثيرا وبشكل مستفز أحيانا، لكنني كنت سعيدة جدا حينما وجدت دفتر مذكرات العام الماضي الذي كان مدفونا بين أكوام الكتب المغبرة وحقائب الملابس المكدسة.

لم أكن أنتظم في الكتابة فيه، فالفوضويون لا يعرفون للنظام سبيلا، وهذا طبعا بالنسبة لي لا يهم. بعد أن انتهيت من قراءته بالكامل، وصلت للراحة التي كنت أنشدها أخيراً، مسموح بالسخرية هنا من كليشيه "النور في آخر النفق" المعتاد..

كان شيئا رائعا أن أكتشف أنني أحببته فعلا، لا مجازا أو مبالغة. كانت دهشتي فقط أني لم أكن أتصور امتلاكي لكل طاقة الحب هذه، لكنني – صدق أو لا تصدق – كنت أحبه بشكل استثنائي. هذا شيء جيد ومطمئن نوعا ما. جميل جدا أن تكتشف طاقات بداخلك أكبر بكثير مما تتصور. جميل أكثر أن تعرف إنها مازالت مخزونة بالداخل، لن تصدأ، ويمكنك تلميعها من وقت لآخر ريثما تمنحها منحا غير مشروط لآخرين يستحقونها فعلا.

أما الاكتشاف الثاني، هو أنني لم أستطع أن أسامحه أبدا منذ المرة الأولى!

Monday, August 23, 2010

اتجاهات مفتوحة على العبث


كأنك تخرج من فيلم ساذج قديم، تمتزج فيه كل المشاهد بأنين كمان بطيء، ستفترض أن صاحبه وحيد مثلك، أو نقرات بيانو أرستقراطي، ستفترض أن لونه أسود كي تكرهه.
تخبرك البنت التي تشبه جو الفيلم العام "ما ينفعش نفضل أصحاب؟" تدير وجهك بالاتجاه المعاكس وأنت تتمتم بأشياء يعاقب عليها قانون الأخلاق الوضعي، الذي يتجاهل في الوقت نفسه معاقبة مدمني "الكليشيهات" والذين يستقون تجاربهم من أفلام الستينات.
ستتحاشى الزحام والضجيج، والمباني الموشكة على السقوط، وتلك التي سقط بعضها بالفعل فوق رأسك وكان "لله خطط أخرى"1، فلم تمت.
وبما إنه "فيلم ساذج"، ربما توزع ابتسامة أو اثنتين للبنت التي تأتي من الجهة المقابلة، وتختلس النظر لصورتها على زجاج France Airways، أو تمشي وأنت تغني بصوت عال، يتسامح معه الآخرون نسبيا، أو تضجر من كل المقاهي والبارات المنتشرة في المكان، فتذهب لتجلس على العامود الحديدي الأخضر في الميدان، ترقب المارة باستمتاع عجوز، يعرف عنهم أكثر مما يظنون، ولا ينتظر من أيهم شيئاً.
فقاقيع فقاقيع، بانتظار الانفجار الكبير. وقد يبدو من أحدهم بعض ألوان تعكسها الكشافات القوية البغيضة، لكن أحدا لن يلاحظ لونا واحدا مميزا، ولا حتى الفقاقيع نفسها.
تضم أصابعك برفق حول سيجارة وهمية، كان من المقدر لها أن تكون "إل إم" أزرق، لكنها لم تكن. بالمثل ستذهب الأفكار سدى. ويبقى الميدان وحده، يتوسطه التمثال، شاهرا إصبعه منذ الأزل في "وجه من قالوا نعم"2، حتى أصبحت الفكرة مبتذلة تماما، بل وتبعث على بعض الخواطر القبيحة أحيانا!
يبتسم منك نصف فمك الأيسر. كل ما هنالك أنك أنت، وأنك هنا، وأن المارة أصبحوا فجأة كائنات مسلية جدا، تحتمل كل السخرية المتاحة في العالم. أنت - أو هم- كالبنيان، يتساقط بعضه من بعض، و يُسقط بعضه بعضا، دون أن ينتبه أي منهم للخدعة.
تنظر لأعلى. لا ليس للتمثال، ولا لزجاج المكتبة البراق، ولا لفندق "تيوليب"، ولا للدمامل المنتشرة في واجهات العمارات، التي تنقط مياه طوال الوقت على الأرصفة، بل أبعد، أبعد أكثر.. هل وصلت بعد؟
تجاهل سحب الضباب الأسود الذي كاد أن يصبح رومانسيا من فرط ما تعودوا عليه واستبدلوا الأبيض به. وتجاهل القمر الذي تبدو نتوءاته واضحة هذا المساء من وراء الأسود.
 ها هو. قابع هناك، دون منجل أو مركبة مرصعة بالجماجم أو موسيقى تصويرية رخيصة تنشد الرعب. يجلس على ناصية ميدان فوق القمر. يشاهد العالم تحته بدأب. وصدقني، لو دققت قليلا، لوجدت خلفه تمثالا، وفوقه "تيوليبا"، وعلى وجهه ابتسامة ساخرة، ونظرة حكيمة تشبه نظرة العجائز الذين لا ينتظرون شيئا من أحد!

____________________________________

1- من ديوان "بالأمس فقدت زرا" لتامر فتحي
2- من قصيدة "كلمات سبارتاكوس الأخيرة" لأمل دنقل

Friday, August 13, 2010

ونــس




في البدء كانت السلطة، عندما تدحرجت حبة الحمص لتستقر على طاولة بوفيه السلطات الكبير أمام قميصه. تناولتها بإصبعها، أكلتها وهي تقول بابتسامة واضحة "آسفة.. هي عايزة تقع من الصبح"!
عندما اختلست إليه النظر أول مرة، كان يبحث عن منديل ليمسح به آثار البيتزا من فوق قميصه ذي اللون الفاتح، بينما كانت هي تستعد لتأكل قطعتها الثانية بيدها كما اعتادت.
نظر جواره فرآها، ابتسم رغما عنه، وأكمل ما كان يقوله لصديقه، الذي أخبره في نفس اللحظة أن هناك فتاة في الطاولة المجاورة تأكل بنفس طريقته، تأكل البيتزا بيدها بدلا من الشوكة والسكينة.
بعدها، أصبح من العادي أن يختلس هو الآخر النظر إليها، وتأكد مما فكر به، حينما أمسكت بالمنديل الورقي لتنفض عن بلوزتها البنفسجية قطعة طماطم سقطت منها وهي تأكل.
طلبا الحساب في نفس الوقت، ودون مواربة نظرا إلى بعضهما وابتسما. خرج هو وصديقه أولا، بينما كانت هي تلملم بقاياها من على الطاولة، وتبتسم بلا توقف للفراغ الذي تركه ظله على الزجاج.


Tuesday, July 20, 2010

مثقلة بالحجارة



كانت فيرجينيا معي في القطار، تحدق في تارة بوقاحة ثم تحدق في الركاب المحيطين وتتأفف من ضجيجهم. تعاود التحديق في الأوراق التي وضعتها على رجلها في شبه فوضى. لا تستطيع أن تجلس "بإتيكيت" أبداً، مفتوحة الساقين نوعا، محدبة ظهرها، رغم المقعد المريح.
تحاشيت النظر إلى ملابسها. وجودها يكئبني و أصدق أنني أشبهها إلى حد كبير. مقعدها يقطر ماءً، وهي لا تبالي، أنا أيضا لا أهتم بجيوبها المنفوخة وشعرها المبتل.
تقول فجأة "هذا القطار يقتلني"!
أنظر إليها وأبكي دون صوت. يتوقف القطار تدريجيا في مكان غير معلوم لسبب غير معلوم. ألمح ذيل فأر طويل بين القضبان، ثم أتفرج على جسده الضئيل بعدها. وتلمع عيني في إثارة "فأر.. ذيله طويل جدا"!
لا أرى اهتماما. يتحرك القطار ببطء. 
 يسألني بعدها بشهور وكأنه فجأة تذكر "أين الفأر؟"
أختنق بالمياه وتغيب عني الرؤية شيئا فشيئاً، وآخر كلماتي أن "فرمه القطار"!

Thursday, June 24, 2010

ميدان رمسيس


الأمر ببساطة هو أنني قررت، لا لم أقرر، هذه الأشياء تأتي هكذا فجأة وتحدث دون إرادة، إني مش لاعبة.
لا شيء هناك. لا جديد. لم أستيقظ مثلا لأجد أن الحياة صارت أسوأ، فقط أنا أستسلم لأني -بجد- تعبت. ما المشكلة يعني إذا قررت التخلي عن دور القوية المتماسكة الساخرة الصريحة اللي مالهاش حل؟
طبيبي النفسي اللطيف الذي لن يكلف نفسه بتذكر اسمي أو مشاكلي، فما بالك بالاطلاع على ما اكتبه في صفحتي الشخصية، لو قررت الصدفة أن تستحيل وتجعله يقرأ هذا الكلام ربما سيعرف أني أمر بنفس نوبة الاكتئاب قبل الأخيرة التي جعلتني أحاول الانتحار مرة. وطبعا لا هو سيذكرني ولا سيدخل ليقرأ، ولا أنا سأكتئب ولا سأنتحر، هذه الأشياء صارت مملة بما يكفي. وأنا أحاول ألا أكون مملة، أو غبية أحيانا.
ما الذي حدث؟ لا شيء، وربنا فعلا لا شيء. طيب ماذا لو افترضنا أن هذا اللاشيء هو الذي يجعلني عصبية جدا ومندفعة جدا وكئيبة جدا وصامتة جدا ومملة جدا؟ ماذا لو افترضنا أن هذا اللاشيء يعني أنني جبت أخري، وأنني لا قوية ولا نيلة، وأنني مش لاعبة فعلا؟ وماذا لو اعترفت أن هذا اللاشيء -اللي هو مش موجود أصلا- يجعلني أفقد الناس بكل بساطة، أفقد هؤلاء الذين يتلمسون الطريق لمحبتي والاقتراب مني؟ ماذا لو افترضنا أن هذا اللاشيء الشبح هو شماعتي المفضلة مؤخرا التي أعلق عليها أنواعا مختلفة من الفشل، يعني.. حين أتعافى من فترات إدانة الذات المعتادة؟
لن نفترض، لا أنا سأفترض ولا أي حد تاني، الافتراض رفاهية عموما تعني أنك تملك القدرة على الخيال، وأنا حاليا واقعية، أنا واقعية جدا، قوية جدا، منسجمة جدا، متماسكة جدا، أنا جدع!
أيها "اللاشيء" لماذا تصر على تحويل حياتي "اللطيفة جدا" لجحيم، حتى بعد رحيلك؟!

Wednesday, June 09, 2010

تخلص من كلابشك القديم




ما المؤذي في رغبة تلح عليك بالحرية؟ أن تترك يدك وتسير هكذا دون دعائم، دون أفكار مسبقة، أو مخاوف ماضية، أو ندبات تحذرك لتنفخ في "الزبادي" ألف مرة، وربما تحجمك عن أكله حتى بعد النفخ فيه للأبد؟!

أنا بحاجة إلى بعض الهواء الجديد. أفتح النوافذ، تتطاير بعض الأتربة إلى الداخل، ثم تدخل نفحة قوية من هواء ساخن، بعدها يمن الله علي ببعض النسمات الباردة. حتى لو نسيت أن النوافذ تحمل أحيانا ما هو أسوأ من التراب، حشرات ما، وسباب المارة في الشارع، إلا أن الأمر يستحق..

أنا أستحق ألا تكون نوافذي مسجونة بطبقة غليظة من السلك، الذي يمنع عني الهواء دون قصد. أستحق أن أجرب السير مرة أخرى ويدي ممدودة أفقيا كأني أطير، دون "كلابشات حديدية" تربطني بالأرض. أستحق أن أبتسم بلا توقف كما كنت أفعل، أن أستمتع بالبدايات لأقصى درجة، حتى لو كنت أكره ما يليها.

Friday, May 28, 2010

كيفما تكونوا .. يول عليكم


مش متسامحة مع الناس زي الأول
مش قادرة افهم انا كنت متسامحة معاهم ليه اصلا
آسفة قوي.. بس هما يستاهلوا اللي جرالهم
ماهو لما اعترض عشان سواق المكروباص
كان ماشي فوق الكوبري بيتطوح بالعربية و بسرعة جدا
ولما السواق يعلن اعتراضه بأنها "شغلانة بنت و..."
فألاقي كل الركاب بلا استثناء في صوت واحد
 -وكأنهم بيهتفوا للريس مثلا- بيقولوا
"اعمل اللي يعجبك يا اسطى ومالكش دعوة"
يبقى معلش.. احنا شعب يستاهل الحرق بجد !

Monday, May 10, 2010

كونتراكتيوبكس


"ندبات محدودة جدا تختفي سريعا"

الندبات تختلف دائماعن الجلد المحيط، تكون في بدايتها حمراء للغاية، بعد ذلك تبدأ في التحول إلى اللون الفاتح إلى أن يصبح لونها أفتح من لون باقي الجلد.

الندبة لا تتجدد مثل باقي الأنسجة، كما أنها جافة، تحتوي على كمية أقل من الماء.

يتطلب العلاج مشاركة فعالة من المريض نفسه، فكما تأخذ الندبات وقتا طويلا حتى تتكون، فإن علاجها أيضا يتطلب وقتا أطول.

أحيانا يحدث لمناطق الندبات احمرار شديد أو زيادة في صلابة الجلد.

يلاحظ أن الجلد الذي تم تدميره عدة مرات يصعب التئامه، وتقل فرص الشفاء.

الطريقة المثلى لعلاج الندبات:
- يجب الاهتمام والعناية بمكان الندبات وحمايته من أي التهابات جديدة أو جفاف.

- تجنب التعامل بخشونة مع الندبة لأنها عادة ما تكون أكثر حساسية من الجلد السليم.

أخيرا، من الممكن تغطية الندبات بصورة مؤقتة باستخدام أدوات التجميل المناسبة!

Thursday, May 06, 2010

ضرورة أن تتخلى الأماكن عن ذاكرتها

في كل مرة أعبر الممر الواصل بين شارع طلعت حرب وشارع كريم الدولة أستطيع أن أميز ذلك الرصيف. عال قليلا، رخامي، شبه مظلم. لجأت إليه في إحدى ليال مارس الماضي، سكبت عليه عدة أشياء منها الكثير من الدموع والكثير من الأفكار التي كتبتها بشكل متسرع في مفكرتي الصغيرة. أفنيت ليلتها كم محترم من المناديل ومن الصفحات ومن طاقة الغضب غير المبررة التي كانت تحتدم داخلي، و كان المارة من العدل - معظمهم- بحيث تركوني وشأني.

ربما سيتذكر مكاوي سعيد أو خالد كساب جلستي المريبة تلك، أو تتذكر الفتاة الأمريكية الحسناء التي جلست قبالتي تتحدث إلى "أمير" الذي تأخر عليها وهي لا تعرف أين تذهب، أو سيتذكر الرجل الذي كان يصر على توجيه السيارات الفارهة للأركان الخالية المتبقية لتشغلها ويقبض هو "الشاي"، لكن هذا كله مستبعد.

يومها كنت أشبه الأطفال المتسولين الذين يسندون ظهورهم إلى واجهات المحلات وهم يمثلون الاستذكار من أجل المال، غير أنني لم أكن أطلب مالا، ولا اهتماما، كنت - كالعادة- أطلب أمانا، ولم يكن موجودا في أي مكان، لا في وسط البلد ولا في المارة ولا في المكالمات الهاتفية التي كنت أجريها منذ أن وطأت أقدامي ميدان التحرير. كنت أتمنى يومها أن يضمني أحد حتى لو لم يكن يعرفني، بل لأنه لا يعرفني.

الآن، لا أبكي أمام المارة، ولا أكتب على الأرصفة، ليس كثيرا على أية حال. أعبر أحيانا ذلك الممر الصغير، أمر عليه بصوتي العالي وضحكاتي وخطواتي السريعة الواسعة، لكنني كل مرة أتوقف أمام الرصيف الرخام، ويخيل إلىّ أنني أرى آثار البكاء عليه، لم تجف بعد.