Wednesday, June 20, 2012

في الأهرام الصادر السبت 16 يونيو 2012

Monday, May 21, 2012

كيف تعلمت أن أحب الشرفات الدائرية



المربعات حادة جدًا
مثلي،
أما الدوائر فتحضن بعضها بالفطرة..
ليس من حرج على هؤلاء
الذين يعيشون في شرفات ليست دائرية،
أو حتى هؤلاء الذين لا يملكون شرفة بالأساس..
الدوائر كلها دافئة
الدوائر احتمال لا نهائي
حتى لو كانت مجرد «نصف»..
الشرفة نصف الدائرة
نصف برتقالة
أو على أفضل الأحوال الاقتصادية،
نصف بطيخة..
عندما أقف في منتصف الدائرة تماما
أكون في أقرب نقطة للسماء
وللشارع الصاخب..
لا أحب الوقوف على قدم المساواة
على مسافة واحدة من العالم..
في الشرفات المستطيلة أو المربعة
لا أحب مساواة «الخارج» بالواقعي
لهذا - مثلا- أعشق الأسبلة
وقبلة المسجد المزخرفة
وجلوسنا متجاورين على كنبة دائرية
تبتلعنا في أعمق نقطة منها،
وتضم علينا في النهاية
بأطرافها الخارجة..

شرفة دائرية صغيرة
...ليس أكثر


Monday, May 07, 2012

أنت روح العالم


ما الذي يوحِّد هذا الخليطَ المرعبَ من الأشلاءِ والأحلام، من الموتِ والحياة، طموح الحياة في أن يحيا البشر بكامل إنسانيتهم، أحرارًا يمتلكون شمس نهارهم، كما يمتلكون مصيرهم.

يقف الإنسان اليوم على حافةِ الجنون في هذه المنطقة بالذات، يقف على حافة انفجاره، محتشدًا بغضبٍ لا حدودَ له وهو يراقب ظلامَ الغطرسة يفترس روحه وجسده ويتسلى به ببطءٍ دام، يكفي أن يراقب المرءُ نفسه، شاعرًا كان أم فنانًا أم بائع خضار، قليلا وهو يتتبع فصولَ مأساته الزاحفة، حين يشاهد الأخبار، أخبار المذبحة المستمرة هنا وهناك.. يكفي ذلك ليرى نفسه فيما بعد، ودون أن يدري، ذاهبًا لتفقد أطفاله واستدعاء وجوه أحبته وأصدقائه وأسماء الكتبِ التي يود أن يقرأها والشوارع التي تمنى أن يسير فيها والمدن التي أحبها قبل أن يراها.

روح العالم أين تتجسد الآن؟ أين تسكن؟ وكيف تستطيع اليوم الحفاظَ على براءتها في زمن القتل على الهواء مباشرة، والحفاظ على ارتفاعها في زمن الطائراتِ العمودية التي تصر على أن تسوي كل شيء بالحضيض، لا بالأرض؟ أين يمكن أن تتوارى هذه الروح القابضة على سحر جمالها، جمرةً، في زمن طائرات الشبحِ الخفية؟ وكأن العالم كان بحاجة لشياطين جدد بأرديتهم الفضفاضةِ السوداء.

روح العالم أين يمكن أن تتجول اليوم في زمن اصطياد الأجنةِ على الحواجز العسكرية والحدود المغلقة التي تحوّل حليب الأطفال إلى هدف استراتيجي لدبابات ميركافا وصواريخ توما هوك واليورانيوم المنضب وغير المنضب.

روح العالم أين هي اليوم في زمن محاكم التفتيشِ الجديدة، في العصور التي نعيش، في العصور التي نموت، العصور الأكثر حلكةً في تاريخِ البشر، العصور العار، عصور القتل الجماعي على الهوية والدين ولون العيون، عصور العنصرية التي تتقدم لاقتياد شعوب بأكملها ودول بأكملها وتحويلها إلى مزارع عبيد يعمل فيها البشر مقابل الحصول على رائحةِ طعامهم لا أكثر؟
إبراهيم نصر الله
السيرة الطائرة

Monday, April 16, 2012

بعيدًا عن الثورة التي خربت البلد

أنت لا تشعر بكل هذا الغضب والعجز عندما تُسرق إلا لأنك تجد نفسك أمام الظلم مجسدًا. أسئلة كثيرة تراودك، لماذا أنا، أهمها، وقيمة ما يسرق منك ترتفع فجأة ليصبح أهم شيء امتلكته في العالم. ستظل تفكر كثيرًا في روتين حياتك الذي غيرته مرة فتعرضت للسرقة، وتجلد نفسك لأنك لم تكن حريصًا، لأنك ظننت أن كل تلك الأشياء «تحدث للآخرين فقط»، لأنك سرت في شارع بعينه في لحظة بعينها فكنت ضحية ملائمة لنشال على موتوسيكل.

في قسم الشرطة يواجهك الغضب النقي، نفس المبنى كانت النيران تطقطق فيه منذ عام أو أكثر، وكان المشهد مبهرًا، رغم كآبته كان محررًا لروحك، أنت الذي لم تضرب على يد شرطي، أو تسمع سبابًا لأمك من أحد الضباط إلا عند مرورك أمام موكب فلاديمير بوتين بالقرب من كوبري الجامعة.

تقسم لنفسك أنك ستكون مهذبًا وأنت تحكي تفاصيل السرقة، ستقلل نظرة الازدراء التي تأكل وجهك، وستحاول أن تحتفظ بنبرة صوتك محايدة من أجل «مصلحتك أولا»، ومن انفعالات المخبر الأول الذي سألك ما الذي حدث تدرك أنك فاشل تماما فيما عزمت عليه.

تحكي القصة ست أو عشر مرات، كل «من دب ودب» يسألك وكأنه سيأتي لك بما سرق منك حالا. تود لو تقول لكل منهم أنك تفهم، وتعلم جيدًا ما الذي يفعلونه، أو بالأحرى لا يفعلونه، هنا، تود لو تخبرهم أنك لم تأتِ لأمل كاذب في أن يكونوا شرفاء فيقومون بعملهم ويعيدون ما سرق، بل لأنك تحاول أن ترضي ضميرك فقط.. سرقة، بلاغ، ولننس جميعًا الأمر برمته، كما نسي من قبله كل شيء.

الضابط الوسيم يستقبلك في إحدى الطرقات، يقول لأحد المخبرين «مكتب رئيس المباحث»، وما من مبرر حقيقي لذلك، ففي كل الأحوال سيحيلك رئيس المباحث للضابط نفسه، ثم لكاتب المحضر. غرفة رئيس المباحث بازخة للغاية، سجاد فاخر، ستائر، معطر جو وفواحة على شكل تحفة، شاشة مسطحة، أنتريه حديث.. وخلف المكتب الماهوجني يجلس كائن متهدل اسمه رئيس المباحث. يتفصحك البيه بنوع من "معاينة البضاعة"، ثم يقول لنفس المخبر الذي أتى بك إليه "رجعه للظابط".

متى تحولت لما يشبه المتهم؟ العناكب معششة بوقاحة في كل مكان، رغم أن تجديد القسم لم يمر عليه أكثر من شهور، «الأهالي»، يفسر لك الضابط سبب تجديد القسم بعد حرقه يوم 28 يناير، في الوقت الذي مازال فيه قسم السيدة زينب مثلا على عروشه لم يمسسه أحد من يومها.

غرفة الضابط أقل بزخًا من غرفة رئيس المباحث، تحوي فراشًا مهندمًا، تلفزيون يعرض فيلم «الديكتاتور» وستائر متسخة وسجادة أكثر اتساخا وكنبة أنتريه واحدة، ومكتب ماهوجني مطعم بنحاس صديء. ينظر الضابط لك ويبتسم.. يعامل الجميع بلطف، حتى صبي القهوة المجاورة للقسم الذي أتى خصيصًا لأن «والله لازم تشرب حاجة، هو لو احنا عملنا كمين تحت بيتك مش هتنزل لنا الشاي يعني؟».. رضيت بالشاي لأنك تعرف أنه لولاه، ما كان للضابط أن يجد أيا ما كان ليقوله لك.

يدخل ضابط آخر، يلقي نظرة سريعة عليك، ويبدأ دون مقدمات في فرد سجادة صلاة ويصلي. أنت تعرف منذ زمن أن معظم المخبرين لديهم زبيبة صلاة واضحة طبعًا، وكأن هناك علاقة مريبة بينهم وبين الرب، أو علاقة بين الشكل العام لضابط مسلم وبين المجتمع، وهي علاقة تفترض أنه لا مشكلة إطلاقا في تعارض الانتهاك مع الدين.

يبدأ الضابط الأول في تخفيف ألمك العاطفي، بالتدريج تختفي وعود عرض صور لمسجلين الخطر والتعرف على السارق ليحل محلها «فداك»، و«الحمد لله إنها جت على أد كدة». يشرع في سرد حوادث نشل تعرضت فيها نساء لاعتداء بالمطواة، أو سقطت على الأرض فانكسر أنفها وعادت السلسلة الذهبية المسروقة إليها ولكن «بعد إيه». يغلي رأسك، تقول بحدة مقننة «كان ممكن تتواجدوا في المكان، مش أول مرة حد يتسرق هناك».. يسوق مبررات واهية، أهمها «الثورة» وما فعلته بهم، بالهيبة وصور المسجلين التي احترقت، يحكي لك أساطير عن ذكاء النشالين، وتخطيطهم لسرقتهم قبلها بوقت كاف وطبقا لجغرافيا المكان. الخلاصة التي يريدك أن تصل إليها: الثورة فعلا خربت البلد، الأمناء والمخبرين مجموعة من السذج الغلبانين، النشالين والسارقين خارقي الذكاء، ربما أكثر من جورج كلوني في أوشينز 11، والسلسلة المسروقة لن تعود فاحمد ربنا.

يدخل فجأة مخبر وبيده طفل مقطع الملابس يبكي ويكرر دون توقف «والنبي ماتضربني»، يتوتر الجو، يطلب الضابط منك أن تذهب مع الصول - أيا كان اسمه لكن لديه زبيبة أيضا- لكتابة المحضر الذي لا يدخل في نطاقهم الجغرافي «لكن عشان خاطرك مش هيكسفوك»، بمجرد خروجك من حجرة الضابط، ينغلق الباب بعنف وتسمع الطفل يكرر بشكل جنوني سريع «والنبي ما تضربوني»، بينما صوت الأقلام المرزوعة على وجهه يلف المكان.

كاتب المحضر لا ينسى أن يأتي بكوب الشاي الذي تركته كما هو في غرفة الضابط، يسألك عن مواصفات السلسلة المسروقة، لكنه الصادق الوحيد الذي يخبرك ببساطة «مش هترجع طبعًا». خلف الكاتب تقبع مجلدات: سجل المخدرات، سجل الجثث المجهولة من.. إلى، سجل القتل، سجل النشل (3 مجلدات ضخمة)، سجل السرقة (مجلد للسيارات وآخر للمنازل)، سجل فرض السيطرة- البلطجة (4 مجلدات)، سجل الأمناء المفصولين من الشرطة، سجل مصانع تصنيع الأسلحة، سجل المفقودين.

صوت الطفل المضروب يصل أسماعك فتتذكر جملة لا تعرف أين قرأتها أو سمعتها، ضابط يقول لمواطن شريف «شايف كل بتوع حقوق الإنسان اللي قارفينا دول؟ الواحد منهم لو اتسرقت منه حاجة معندوش مانع نجيب الحرامي ندعكه ضرب هنا لغاية ما يقر بمكانها». تتذكر أيضا فتاة الليل التي أوسعها الأمين ضربًا في ميدان السيدة فجرًا.. كنت على الصف المقابل من الواقعة وتسمع بوضوح صوت يده وهي تنزل على وجهها وجسدها، تتذكر أنك بكيت في الشارع وغضبت على من معك ولكنك لم تفعل الشيء الوحيد المحترم وقتها، لم تمنعه.

فجأة يدخل الطفل وهو مقيد اليدين بالكلابشات من خلاف، ملابسه مقطعة تماما هذه المرة، ويبكي لكن دون «والنبي ما تضربني»، يجره المخبر لنهاية الغرفة الواسعة ويجبره على الجلوس القرفصاء. تتحاشى النظر لعيني الطفل المضروب، نهنهاته فقط تدر الدموع العاجزة من عينك دون أن يلحظ أحد، في قرارة نفسك تعرف أنك لست أفضل من كل أولاد القحبة هؤلاء، فقط لديك قليل من المشاعر، أقل مما ينبغي لتمنع الظلم عن إنسان.

تتفحص وجوه كل المخبرين الذين صارت الغرفة تعج بهم، كلهم بقمصان مخططة، إما بالطول أو بالعرض، تفكر أن تحتفظ بملامحهم في ذاكرتك، لربما تقابل أحدهم في مظاهرة ما، أو تتلبس بوجه مألوف منهم في «عسكر نشطاء» أو ما شابه، ما الذي يمنع أن يكون أحدهم قد تولى مراقبتك لفترة ما مثلا؟

تخرج من السجن، من قسم الشرطة إلى الشارع، ولا يتبقى من كل ذلك سوى لعنات متتالية، عالية الصوت وكأنك مجذوب، لعنات طالت كل شيء، ولم يكن هناك للأسف من يريد أن يسرقها، على الرغم من أنهم نجحوا من قبل في سرقة الثورة التي «خربت البلد».



Saturday, April 07, 2012

واحد بانيه وسط بالجبنة


غريب أن تكون ملهمًا رغم أنك لم تفعل شيئا في الحقيقة. ما يعنيني أن مجرد رؤيتي لاسمك بين الصفحات تجعلني أكتب، آه والله هكذا، دون اكتئاب أو مرارة ضرورية لإشعال جذوة الكتابة نصف الميتة داخلي.

هناك طبعًا أنصاف القصص، التي لم تحي أصلا لتموت، ولكنني ككل البنات الساذجات اللاتي أسخر منهن، أعتبر تلك القصة عاشت فترة فعلا، ثم ماتت وأنت موجود عادي.

أرضعت القصة من ثديي، وأنت كنت تربت عادي على كتفي لمزيد من إدرار الحكايات. كان من الصعب إلى حد ما أن يظل ضرعي ملآن بعد رحيلك، يكفي أنني أساسا ارتضيت كوني بهيمة طوال كل تلك الفترة العصيبة من تاريخي، ولهذا، تحولت الحكايات والابتسامات واللهفة، والخدود الوردية بزيادة عند رؤيتك، إلى جبن مالح، لا يؤكل في الحقيقة من جفافه وتعرضه للشمس وكثير جدًا من الذباب.

سعيد؟ صعب.. بينك وبين الرضا نصف الأرض. في مرحلة ما، لا أدري متى فقد فات الأوان على أية حال، ستشعر بندم بالغ على فرصك التي أهدرتها، وستكون كل شماعات "التوقيت المناسب"، "الخروج من علاقة قديمة"، "الماديات"، "عدم جهوزية النفس" قد تحللت تمامًا، لدرجة أنك - تصور- ستقف أمام المرآة ببساطة وتنظر لنفسك بتمعن قائلا "غبي"!

كل ما هنالك أنني أردت أن أقبلك في جبهتك، بسيطة، قبلة نصف بريئة، ممتزجة بشهوة مخفية تحت ركام صدأ، تماما في منتصف الجبهة، وربما واحدة أخرى بين حاجبيك، والله كنت سأقبلك وسأترك لك الحرية بعدها تفعل ما تشاء، أن يحمر وجهك خجلًا لأشعر أنني عاهرة بالمقارنة بك، أن تنتفض وتتلفت حولك خشية تعليقات الناس، أو حتى أن تتركني فورًا لتشتري ساندوتش بانيه وسط بالجبنة مثلا!

لكن كعادة كل ما يحدث لخططي، لابد ألا تكتمل؛ اكتفينا معًا بالبانيه بالجبنة، وصرت أنا التي تقف يوميًا أمام المرآة لتردد امرأة شاحبة أمامي أنها "غبية"، لا أعرف شيئًا عنك، وأقدم للجميع بشكل دوري الجبن المملح قليل الماء كلما سألوني طعامًا، أو أبدى أي منهم جوعًا ضاريًا.

Sunday, December 18, 2011

ليس اعتراضًا يارب.. ليس اعتراضًا


أنا بكيت ككل النساء في الجامع الازهر يوم جنازة الشهيد الشيخ عماد عفت، انتحبت لو صح القول وأنا أصرخ بالهتافات ضد المشير والمجلس العسكري والخونة الذين يقتلوننا بدم بارد في وضح النهار. كل النساء من حولي كن يرتدين الأسود وعيونهن وأنوفهن من شدة البكاء متورمة ومحتقنة، لكنني لم أستطع أن أحضن تلك السيدة التي كانت خلفي ونحن جالسين نساء ورجال بانتظار انتهاء الوصلة الخامسة أو السادسة من القرآن الذي حاول الشيوخ إسكاتنا به، غير عالمين أننا نحتد من أجله، من أجل حرمة النفس التي تحدث عنها الله في كتابه، الذي يساوي بين الناس جميعًا في حقهم في الحياة، ولم يفرق بين هؤلاء وأولئك، وما إذا كانوا "موالين للنظام" أو ضده.

أنا بكيت وانتحبت وصرخت بالهتاف وكلي غضب لم أعهده، لم أكن أبكي على الشيخ عماد، الحق أنه لم يأتِ ببالي إلا عندما أدركت أن السيدة التي لم أستطع أن أحضنها ورغم ذلك أبكتني نهنهاتها كانت زوجته. كنت أبكي الدم المهدور في كل الأرض، استباحة آدمية الإنسان الذي اعتبره الله خليفته متحديًا الملائكة، بكيت لأني عاجزة ليس في يدي حيلة، لأننا متخاذلون حتى وإن أفلتنا من الموت بأعجوبة في أي يوم من الأيام التي مازال يتم استهدافنا فيها حتى الآن.

أنا بكيت لأن أغلى ما على الأرض تشربه الرمال وتنساه، ولا يذكره الأحياء إلا باللعن أو الطعن أو اللامبالاة. بكيت لأني أدركت أن الله لم يخلقنا لهذا، وبكيت أكثر عندما فشل عقلي الصغير في إيجاد منطق لخلق كائن يتعذب بخلق آخر مثله. بكيت لأن الجامع الأزهر الذي دخلته لأول مرة، رغم كوني من سكان المنطقة لأكثر من 10 سنوات، كان مهيبًا، ويبتلع كل من فيه لكنه لا يواسي المرأة الثكلى التي تحتسب زوجها شهيدًا بين نهنهة وأخرى، لا يهدي سوى الطلاب الأجانب المبعوثين، أما أصحابه فينتظرهم الخطب العصماء الموالية للنظام داخله، وشاحنات الاعتقال أمامه. بكيت مسجدًا كان نورًا للحق، والآن يقف على منابره من ينكرون الحق وإن كان أوضح من شمس الله.

لم أر جثمان الشيخ، وكنت متأكدة أننا بانتظار رؤية نعشه للانفجار في بكاء أعلى و"حسبي الله ونعم الوكيل" خارجة من نياط القلوب تستصرخ هؤلاء الذين ينادون "بحرمة الموت" و"حرمة المسجد"، بينما يتجاهلون "حرمة دماء المسلم" ولو كانت بيد مسلم.. يا الله، ألهذا جعلت من علي وعثمان والحسين شهداء؟ ألهذا قبضت روح رسولك وهو من المعصومين؟ ألكي تكون مصيبتنا الآن أهون من كل ذلك؟!

أنا بكيت لأني شعرت بالقهر، العالم بأكمله يخذل روح إنسان استغاثت به. بكيت لأني أقل شرفًا من الذين ماتوا، لأني أنسى أحيانًا كما ينسى الناس وأستمر في حياتي كأن أحدًا لم يمت.

بكيت لأني سئمت عدم فهم مغزى كل ذلك، لأن الحكمة الإلهية في قبض أرواح شريفة رفضت الظلم وقررت أن تجاهر بكلمة الحق أمام سلاطين جائرة متجبرة، وترك ملايين الأرواح التي ماتت- وهي حية- وعفنت وينز قيحها علينا يوميًا، ليست واضحة لي.

أنا بكيت لأني رأيت المسيحيين يقفون معنا داخل ساحة المسجد ويؤازرون الناس، ويلتزمون الصمت وقت الصلاة، ويهتفون معنا بعدها، فيما المدعون بأنهم مسلمون ويريدون "تطبيق شرع الله" بطريقتهم ويعيثون فسادًا في الأرض يهتمون بالدنيا الزائلة ولا يهب الواحد منهم لنصرة عرض امرأة، حتى وإن كانت مسلمة، أما البقية منهم تتهمنا بالكفر!

أنا بكيت لأني كنت سببًا في كل تلك المأساة، عندما ظننت أن مشاركتي في انتخابات أعلم تمامًا الآن أنها فاسدة سوف تريح ضميري، ندمت بعد التصويت بيوم مباشرة، والآن أتحرك على جثث الشهداء، وغيري يقولون إن تلك الانتخابات المخضبة بالدماء هي الحل للتخلص من الدماء!

يا الله، لا أكفر بك أو برسلك أو بحكمتك التي استعصت على عقلي الصغير، فقط ألهمني الصبر والعزاء والبصيرة والقدرة على مواصلة الجهاد في الحق. يا الله، لا تمدهم في طغيانهم يعمهون، بل انزل بهم عذابك الشديد في أقرب وقت علّهم يرحمون الأرض من فسادهم لنستريح.


Wednesday, October 26, 2011

بالحب وحده إنت غالي عليَّ


ثم إنه نظر إليها، وأشعل سيجارتها وسيجارته، ولف ذراعه الأيسر حولها وقبلها في الجبين، فيما سحبت نفس من السيجارة، والتفتت للست بامتنان وهي تشير إليها بالإعادة. تململت الست وتحركت نصف خطوة للأمام، ثم رجعتها ثانية، وأغمضت عينيها مبتسمة: "بالحب أنا سلمت قلبي إليك...".




Sunday, September 25, 2011

الشعرُ يكره أحيانًا


هذه القصيدة غير صالحة للاستخدام الآدمي؛
فسدت لأني لم أضعها في ثلاجة الموتى
ولم أزينها بشرائط وردية
وألصق عليها ورودًا وفراشات.
قصيدتي لا تتكيف مع أحد،
لا تهادن أو تربت بهدوء على مشاعرك،
لا تجعلك تبتسم،
أو تتذكر: أها.. يمكنني أن أشعر بالراحة الآن!
قصيدتي ليست ورق تواليت،
ولا نشافة زيت،
لا تساعد المدمنين على لف السجائر فوقها
لأنها سوداء جدًا،
لن توصلك للحقيقة أو إلى أي مكان آخر.
قصيدتي لا تصلح للحكي أو الاختزال،
لا تصلح كجرافيتي على أحد الجدران
لأنها لن تقبل أن يتبول عليها أحد،
أو يطمسها بقصيدة جديدة «نظيفة مهذبة»...
هذه قصيدة تجادلك حتى تفقد آخر أنفاسك
وتضعك أمام نهاية ملتبسة
لا تعرف بعدها أتصفق
أم تملأ يدك بطماطم فاسدة
وتلقيها في وجه صاحبتها..

Sunday, September 11, 2011

السيرك


شخص ما سيعلّمني كيف أجعل كرهك محبة، ويذكّرني بأن ما دفعنا على التقليب في براميل الحياة فرحتنا أو أنني مخطئ بنفس القدر. وحتى مضارب اللوعة والمسبات التي أنستني لحظة التلاقي، ستحفر سكة إلى غفران ربما لا يناسبكَ لكنه كل شيء. يا من تحوّطك البهلوانات في سيرك نصبتَه بيديك: أنا صفوتُ حين كففتُ عن سماع صوتك؛ صرت أرجو لك الخير. ولعله يصلك وأنت تتنصل للأذى أو تناضل، رجائي.

وحين تعوي وحدتُك وسط جلبة القرود والكلاب ذات الفرو المنمق، تَرَى كيف صرتُ أسكن إليك: بلا أي رغبة أو إرادة، بلا إشارة إلى أنك هناك أو أننا كنا معاً والتأمنا أو حلمنا بإفراغ البراميل في المحيط وأنت باختيارك انتهيت. يا من تجلس وحيداً ومقتنعاً بعد جولة أخرى أمام بلياتشو يقودك بأنك انتصرت، تعتصم ضد كل أكروبات فضائي وتحرّض النمور على العصيان، وأنت تدس منشورات ثورتك الخرافية في خرطوم فيل بارك في الممر، وباسم الممكن الذي لا يمكن تُضرِب عن الطعام، أنت: شخص ما سيعلّمني كيف أرجو لك الخير.

يوسف رخا

Thursday, August 25, 2011

الأرض



أتذكر أن المشهدين الأكثر تأثيرًا في السينما المصرية اكتسبا أهميتهما من المقطوعة الموسيقية التي كانت تدور في الخلفية. أعني المشهدين اللذين يسببان لي ألمًا حقيقيًا في القلب؛ مشهد قتل هنادي (زهرة العلا) في فيلم «دعاء الكروان» وذعر آمنة أختها (فاتن حمامة) مع الموسيقى الرائعة التي وضعها الموسيقي الأجنبي (أندريه رايدر)، والمشهد الأخير في فيلم «الأرض» عندما تلقى محمود المليجي ضربات البندقية على رأسه وظهره، فيما كان دمه يسيل ليروي «الأرض العطشانة»، التي لحنها علي إسماعيل.

الخميس 3 فبراير، نقص الأدوية مع كثرة أعداد المصابين لم يمنعا روح المصريين المرابطين في ميدان التحرير من الارتفاع عنان السماء، أعلى من مئذنة عمر مكرم، و أعمدة النور التي تسلقها أحد الشباب الأبطال فيما بعد ليرفع علم مصر. في كل ركن كنت أرى مصابين، ضمادات أغلبها على الرؤوس وفوق الأعين، كان الملاعين يوجهون الحجارة بحيث تكون قاتلة، تماما كما كانت قوات «الأمن» تحاول حفظ «الأمن» بتوجيه الرصاص للقلوب والرؤوس.

كنت أهرول كالمجانين في الشوارع المحيطة بالميدان، كل المحلات مغلقة إلا بقال أو اثنين تشجعا في سبيل رزق لا ينافسهم فيه أحد، لا صيدليات، وكأن جملة «خدمة 24 ساعة» التي يتباهون بها صارت سبة. على حدود عابدين، لمحت صيدلية تبيع للزبائن من وراء باب حديدي. أظن أني أخذت كل ما لديهم من مضادات حيوية وقفازات طبية ولفافات الضمادات، لم يكن كافيًا، لا شيء كان بإمكانه سد الثقب الغائر في قلب تلك البلد، الثقب الذي اخترقته الرصاصات المتتالية حتى صار الدم في كل مكان.

كررت رحلتي مرتين حتى استسلمت، ثم عدت للميدان أتجول فيه كالسائحين وأفكر أنه من الصعب أن أكون قد شاركت في ثورة لم أحمل منها أثر جرح، أو حتى صورة.. الهتاف لا يعفي من الإحساس الممض أنك لم تفعل ما فيه الكفاية، أنك أقل من أقل جرح أصيب به آخرون كانوا بجوارك.

كان العشرات مازالوا واقفين على كوبري أكتوبر بانتظار أي فرصة لاستكمال الخيانة. أمام المتحف المصري أخذته فجأة في حضني. رجل أشيب الشعر، مصاب كالمصابين، يسير مهرولا باتجاه تمثال الشهيد عبد المنعم رياض، ويتمتم بكلمات غير مفهومة. كان يبكي بحرقة لا تناسب رجلا مصريا اعتدت منه أن البكاء «لا يليق بالرجال». بشكل غريزي بحت لا أفعله حتى مع أبي، جريت إليه واحتضنته، ربتت على كتفه وفهمت منه أن ابنه مات في المستشفى من إصابة يوم 28 يناير. بكينا سويا وهمهمت بأنهم «مش هيضيعوا» وأقسمت له مرارا وكنت متأكدة وقتها أني لن أترك أحدا يضيّعهم من أجل خاطر هذا الرجل الطيب.

الآن، كلما أتذكر أيام الميدان والبكاء والرصيف الذي ذهبت لأكمل بكائي عليه أمام تمثال عبد المنعم رياض والشهداء الذين ضاعوا أكثر من مرة دون أن أنجح في تنفيذ ما وعدت الرجل به، أحاول أن أتخيل الموسيقى التي كان يجب أن تكون في خلفية المشهد. لا أستطيع أن أفكر في الثورة التي يتحدثون عنها في كل مكان، إلا بالحضن الفجائي للرجل المفجوع، وأحيانا لا أذكر من كل الأيام التي قضيتها في الميدان إلا هذه اللحظة، تتضاءل حتى لحظة فرحتي بتنحي المخلوع أمام انكسار القلب ذلك الصباح الذي يبدو بعيدًا.

الآن، كلما مررت أمام المتحف المصري، أسمع الموسيقى التي تفطر القلب عندما انغرس الخنجر في قلب هنادي، وأرى كعب البندقية وهو ينزل على ظهر رجل أشيب الشعر دامع العينين، لا أعرف اسمه ولا أستطيع أن أحتضنه، أخفي عيني بعيدًا عنه لكي لا يتعرف عليّ، أو أتلبس بالدم فوق الأسفلت الأسود الذي لا ينبت مهما شرب منه.

Friday, August 12, 2011

كوميكس




الأزمة الوجودية هي التي تنبع من فمك بسلاسة، فيما نصفك الأسفل مقيد داخل صندوق، ونصفك الأعلى مربوط بسلسلة من بلالين الحوارات الفارغة. كل هذه الأشياء المجردة عظيمة، رائعة، أنت نفسك تختال ببساطة أمام كل مرآة تمر بك، لكن من أين يأتي الوجود الأعظم؟ من أين تكتسب الأزمة أهميتها وقدميك لا تطالان الأرض أصلا؟

على وجهك خرائط الفشل، وتجاعيد بسيطة لانتصارات صممت على الاحتفاظ بها كتذكرة بدلا من نذالة الأيام، الندبات الصغيرة تشي بكره عميق للذات، واشتعال وجهك بالألم يعكس حرقة القلب التي تصمم على أن تشكو منها لعديمي الوجوه.

في المرات القليلة التي استيقظت فيها ووجدتك نائما على غزال وليد، كانت الشمس تنأى باشمئزاز عن النافذة، وتذهب لتوقظ جارتك التي تستيقظ دائما على زوجها بين ذراعيها، وابنها المزعج يكسر شيئا ما بالمطبخ. الغزال لا يئن، لا يتحرك، الغزال ولد أصلا ميتا.. وجارتك تترك ابنها يكسر كل شيء مقابل لحظات مختلسة صباحا ربما تفرز غزالا بين قدميها بعد بضعة أشهر.

كل هؤلاء المرضى المدعين بنفوسهم المتقيحة وكلماتهم الملتوية التي يصفق لها الجهلاء لأنها تبدو معقدة ومهمة بشكل ما، يرحبون بك وبوجهك المشتعل وغزالتك الميتة وبلالينك البيضاء من غير سوء. تمعن في المشهد، واستمتع.. أشياء مثيرة على وشك الحدوث.

Tuesday, July 26, 2011

كائنات ليلية


الصداع المزمن في الصباح
القهوة التي تزيد من اضطرابات المعدة
الأشعار الناقصة
والجفون المنتفخة
الملحوظات المعلقة على الحائط
وجهاز الكمبيوتر المفتوح
الدولاب المهمل العالي
والملابس المتلاحمة داخله في فوضى
الصمت المتثاقل
والإفطار القابع مكانه أبدا
دون أن يمسسه أحد
بقايا البكاء
والأواني المتسخة
الدفاتر والروايات المبعثرة
فوق السرير، جواره، وتحته
الضوء المزعج المتروك منذ الليلة السابقة
الأحذية المغبرة والمعاطف المعلقة
السكون غير المبرر...

يشتاقون للشمس
وللصوت الآدمي الحميم..
الكائنات الليلية
غالبا
وحيدة


من ديوان "دون خسائر فادحة".. تحت الطبع

Wednesday, June 22, 2011

الاحتمالات المفتوحة للسكينة


تبكي بحرقة، وتنهنه، وتعيدها ثم تزيد، بينما المرأة الصغيرة بالعباءة السوداء تحاول الهدهدة، تغني، تحادثها بنغمات خفيضة "طب بصي المحلات، بصي طنط حلوة ازاي"، تهدأ بالتدريج لكنها تلوح بأطرافها في كل مكان.

ألتفت للجهة الأخرى حيث النافذة، أراقب ألوان الكشافات، والملابس المبهرجة، والزحام، وأحاول أن أفصل أذني عن الضجة غير المحتملة، وأفكر أن العالم في منتهى القسوة، جديّا وليس مبالغة أو مجازا، فجأة يستند على ساعدي شيئا ساخنا يختلج بشكل طفيف.

لا أنظر باتجاهه مباشرة، بل أكمل نظراتي الخاوية هذه المرة تجاه الألوان البشعة. أهدأ تماما، أرخي ساقيّ اللتين كانتا مشدودتين على أطراف الأصابع، أشعر بنبضات قلبي تنتظم ببطء، وأسحب شهيقا طويلا من أنفي، رغم عدم استطاعتي عادة التنفس إلا من فمي.

يرتخي ذراعي أكثر، أعدل من وضعي بهدوء ليناسب الكرة الصغيرة الساخنة المستريحة فوقه، والمرأة بجواري في الهاتف "حمى، لسة جاية من تبارك دلوقتي". أبتعد بعينيّ قليلا عن النافذة الرمادية، بنفس الطمأنينة أخفض رأسي للغافية وأقبلها. أكتشف بعد أن أنزل من الباص أن حقيبتي لا تتسع لكل هذه السكينة، وأن هناك فجوة بحجم رأس طفلة صغيرة فوق ساعدي الأيمن.

Wednesday, June 15, 2011

في مديح العبث

النهارات مرهقة، البدايات خادعة، المرارة المعتادة أسوأ من مرارة طارئة. يومًا ما، سأجد المعنى لكل هذا العبث، أو أجد عبثا منطقيا بما فيه الكفاية لأستغني عن المعنى. الشوارع تلفظ ناسًا، كراسي، مقاهي، محلات بقالة، قمامة، أطفال، موتى، أحبة، مجرمين، مياه، وأحيانا تلفظ أنفاسها فجأة، فأفقد توازني، ثم أستعيده وأفكر: أينا الثابت؟

أحاول أن أتذكر متى بالضبط فقدت «مراجيح المولد» بهجتها، متى اختفت الألوان وتركت لونين كابيين غير مفهومين مكانها، أو حتى من الذي يرى أن اللونين الأبيض والأخضر ملائمان دائما لمآذن المساجد الأثرية، أفشل. أنا لا أرضى بالفشل في إيجاد السبب، لابد أن هناك سببا ما، أنا لا أقبل أنصاف الحلول أو التنازلات أو الغيبيات هكذا، لكنني أصل لعلبة الكبريت المكونة من أربع حجرات قبل أن أجد السبب، وأنسى أنني يجب أن أرى المنطق في كل العبثيات بمجرد النظر في المرآة، ومحاولة تنظيم الأنفاس المتقطعة.

لا أحد يشعر بشرخ غير مفهوم من غصن شجرة مكسور بهمجية، لا أحد يمتن كفاية للأرصفة المرحبة بالأقدام، لا أحد يصمت ليسمع غيره، لا أحد ينظر.. لـيرى.

Thursday, May 12, 2011

البنت التي كلما قابلت فنجانا وضعت فيه سكر



لم أعد أهتم بالاحتفاظ بالمراكب الورقية الصغيرة التي أصنعها من تذاكر الباصات، صرت أوزعها على كل الناس، غرباء وأصدقاء، دون أن أهتم بترك جزءا مني معهم كما كنت أفعل زمان. حتى عندما أكتشف تكدس حقيبتي بهم، أتخلص منهم في أقرب سلة قمامة أو مطفأة. وأحيانا، لو أعجبني راكب غريب جواري في الباص، أو طفل غير مزعج، أمنحها له قبل أن أترك الباص كله بثوان.

لم أعد أحتفظ لك بالمراكب، توقفت عن تدوين كل الأشياء التي تستحق الحكي، أنا لم أعد أرغب في الحكي معك، لأنني اكتشفت أني حين ألقاك، أحكي معي، لي وحدي. لم أعد أتطفل على الدائرة المحيطة بك لأظل بجانبك أطول وقت ممكن، بل صرت أكره وجود الناس بشكل عام، ألقاهم وقتما ألقاهم، لم أعد "ذبابة لزجة"، كل شيء تغير. بعدما فشلت في إقناعك بمكعب سكر واحد في قهوتك السوداء دائما، أصبحت أُسقِط قطعة سكر في كل فنجان أمر به، وفيما يقلبه صاحبه، أذوب.

يمكنك أن تكتئب أكثر، فهذا أكثر ما تجيده بعد الكتابة، أو تشعر بالأسى من أجلي، رغم أنك لو كنت أكثر تركيزا فيما قلته لك لتذكرت أني أمقت "جو الصعبانيات"، يمكنك أن تحاول التخفيف عني بكلمات التنمية البشرية إياها، يمكنك أن تفعل كل شيء كان من الممكن أن تفعله، دون فائدة.

الدروس المستفادة:
ثقب القلب لا يلتئم، يبتلع كل شيء. هناك قطع بازل دائما في غير أماكنها، لا شيء يثير الدهشة، حتى لو كان شلالا من المياه في محطة مترو، أو راقصة باليه في سوق العتبة.