"الحياة لو لعبة" .. مكنتش لعبتها
مر وقت. جملة من كلمتين تختصر عمراً؛ خيبات لامتناهية، أشخاص يتساقطون مني كلما كنت أسير خطوة أوسع من المعتاد، وأشخاص ألملمهم، أشخاص يربتون على كتفي وآخرون يحيونني دوماً بكعوب أحذيتهم، جرائم أفتعلها في حق نفسي وفي حق غيري وفي حق أشياء ترتمي في حجرتي وتفقد قيمتها مع الوقت لدي.
أسائلني: متى تحديداً بدأت كل تلك الأشياء تتراكم عندي؟ متى سمحت لكل تلك الأتربة أن تحتل مكاني؟ متى سمحت لجملة "مر وقت" أن تحفر نفسها في دفتري يومياتي؟!
لأول مرة ألاحظ تشابهي مع المحيطين. ألاحظ قسماتي التي صارت نسخة من رواد الأتوبيس والمارة و أبي الذي لم يعد يتكلم كثيراً. أكتشف توتري كلما حادثت أحداً، نبرات صوتي تقارب الشجار، تعلو بمناسبة وبدون، شعور الملل يلازمني أينما ذهبت. لم أعد ألتفت كثيراً لموسيقى كنت أنتشي لها كلما سمعتها، ولا لمحل الزهور الذي كنت أتفائل بمروري عليه كل يوم صباحاً، لم أعد أرسل للورد الابتسامة و "صباح الورد" في سري كما كنت أفعل من قبل .. لا أكتشف أصلاً أني نسيت إلا بعدما أعبره بكثير.كتاباتي صارت بلا معنى ومكررة تماماً كمعظم كلمات الأغنيات التي تدوي في أذني عبر مشغل الموسيقى الذي أحتمي به من قسوة الشوارع وجنون مناظر البشر.. المصريين .
أقابل هؤلاء الذين أعرفهم أحياناً بابتسامة جميلة وأبحث عن كلمات مناسبة فلا أجد، أحاول الاحتفاظ بالابتسامة المعتادة ..أفشل، كأن عضلات وجهي تؤلمني حين أغير عادتها في العادية .أسحب جسدي إلى أي ركن، عيناي تبحثان عن أي شيء في الجوار؛ كتاب، شرفة، تفاصيل مهملة، شيء ما في حقيبتي التي أملأها بأي شيء أجده أمامي قبل الخروج تحسباً للحظة " توهة " ليس لها موعد كهذه.
احساس بالعدمية يشملني، لا أدري هل لعدمية الأفراد أو الأحداث أم عدميتي أنا تجاههم. ضاعت مني دهشتي الأولى بالأشياء، كل شيء بات محتملاً، عادياً، مكرراً و مملاً. أعذب نفسي كل يوم بما فاتني و بكل ما مررت به، بالأفكار وتضاداتها، بعيوبي ومميزاتهم ومميزاتي وعيوبهم ثم أخلد لنوم صباحي مرهق ليس له معنى كالأحلام التي تراودني خلاله.
لماذا/متى قرر المكان أن يرفض كل محاولاتي للصلح معه؟ أنظر للحياة، للشوارع، للمقاهي، للوجوه، للحركات، للافتات، للإشارات، للتفاصيل، للمفارقات والبكائيات.. كأنني أتسلى بمشاهدة فيلم موضوعه "اغتراب الانسان المعاصر بين اهتراء الفكر والمشاعر، بين رغيف العيش واللايقين، بين التطرف عرياً أو بالسواد، بين أساطير الطفولة اللامنطقية و النضج الذي يظل لامنطقياً حتى النهاية"
أتفرج كأنني لست جزءاً من الفيلم، كأنني عابرة وقفت لتشاهد بسذاجة موقع تصوير لفيلم لم تعرف اسمه بعد، فيلم يبدو لي - أنا العابرة دوماً- ساخراً أحياناً، كئيباً أحياناً، رومانسي نادراً وسخيفاً غالباً.
7 comments:
اسلوبك هايل بجد
فكرتينى بالرويات اللى كنت بقراها زمان لعمالقة الكتبا المصريين
بجد احييكى على انتقائك للكلمات
بس ارجع واقولك كل اللى انتى فيه وناس كتير زيك
كل دة سببه اليأس اللى اتزرع جوانا
من كتر ما احنا شايفين انه مافيش فايدة
تحياتى وبالتوفيق ان شاءالله
مش لوحدك ..للاسف كلنا اصبحنا نسخ من بعض
إنها الحياه و ويلاتها تلقينا فى أحشاء رحاها فتسحقنا مثل غلال القمح لتجعلنا مسحوقا يتوحد فى نعومته يختلف فى لونه حيث يحتوي على حبات من الغلال الصالحه تصبح غاية فى البياض والنصوع وحبات أخرى تحوى فى أحشائها سوسا عندما تسحق يخرج منها خليطا فى غاية الخبث والسواد ف يفسد نقاء الأخر (أحسنتى)
تحياتى وأدعوكى وكل المدونين لزيارة مدونتى المتواضعه
إنها أذكى بكثير من أن نراها فما بالك باللعب
و مع الاعتذار للوقت الذي مر و - لن يعود - و اخذ معه صباحات الورد و طعم النشوة و صوت الكيانات الحقيقية، و لم يخلف سوى فراغات سوداء لا تؤدي إلا إلى بعضها، هل لنا في بعض الوقت، نتوه، نتخلى عن ما تبقى في محاولة فاشلة للنسيان.......... ء
لا أعتقد و لا أحلم حتى.. فالألعاب/ الافلام أيا كان نوعها ستظل أبدا حكرا على من يستطيع المشاركة/ المشاهدة... و كلنا اقتلع عيناه قبا أن تفقأ... و لم يبق سوى حفرة سوداء لا تؤدي إلا إلى غيرها....ء
صدقيني، نحن فعلنا، نحن تركناه يمر بحمله منا.. و كأننا ثقلت علينا أنفسنا و مات فينا فعل الدهشة.. و لا تغضبي من المكان فما هو إلا فعلنا في زمان لم نجتهد حتى في الرحيل عنه
ملكة ... تفوقتي علي نفسك
بصيتي في فلسفة الصورة و انتي جواها ...
فهمتي ان مفيش حبكة درامية في الدنيا لانها مش فيلم مع انها زي الفيلم ممكن تكوني متفرجة فيه و ممكن ممثلة و ممكن مخرجة او سعات مفلسفة و ناقدة
تحياتي
اخر
جميل أوى أسلوبك
فيه خلطة مرارة و سخريةلاذعة عجباني
روعـــــــــــــة........و مشوق جدا :D
Post a Comment