Saturday, December 12, 2009

فوضى الأماكن

أنت لا تعلم كم هو أمر مؤلم أن يكون اللامكان موطنك الذي تنتمي أو لا تنتمي له. تستخدم فعلاً مضارعاً فقط لأنك لست متأكداً مما إذا كان الماضي قد أصبح ماضياً فعلاً أم لا، بينما لا يسعك الوثوق بمستقبل لا يأتي ولا يبشرك بتغيير تنتظره. تتحرك دائماً بأمتعة كثيرة. حين تواجهك خانة "محل الإقامة" تتردد طويلاً، كابوس هو ألا تعرف فعلاً من أين أنت وإلى أين. أي تلك العناوين الكثيرة التي تنقلت بها بيتك؟ أيهم تشعر فيه بالأمان للدرجة التي تجعلك تعتبره وتكتبه في أوراقك الرسمية "عنوانك"؟ أيهم أمهلك القدر فيه فرصة كافية كي تمكث به عمراً كي تتصالح معه أو حتى تقاطعه؟! لا تبحث من فضلك عن إجابات لن تجدها، يكفيك عمراً من الخيبات المتشابهة.

حقيبتك حياتك، تتمسك بها، تظل دوماً حقيبة، لا تتغير كي تصبح دولاباً مثلا أو غرفة نوم، مكانها على الأرض، مكبوتة أغراضك داخلها، تعذبك بوجودها وثقلها، تعذبك لأنها ستظل حقيبة. الانتقال لمكان جديد يجعلك دائماً في منتهى الحذر، لأنك خائف من تفريغ نفسك وأمتعتك، كل مرة فعلتها لملمتهم ثانية وأسرع من المتوقع. مع الوقت تتأقلم على فوضوية الحياة كحقيبة؛ الأرفف رفاهية، الأمكنة التي تشبهك رفاهية، الأمان رفاهية، البشر الذين يشاركونك الحياة في مكان واحد وينفذون وعودهم بحمايتك رفاهية، حتى خوفك من الفقد... رفاهية. كم مرة قررت أن تبحث عما وراء الأساسيات وتنشد الرفاهية؟!

طبعاً تستحق ما يفعل بك، لأنك بسهولة وبساطة تصدق كل وعود الزمن بالأمان كل مرة. إنسان يصدق الكذب ألف مرة هو إنسان لا يستحق الصدق أصلاً. أمتعتك جاهزة دوماً، قلبك لم يعد يتعلق بالأماكن، و إلا لكان عليه أن يتعلق بأكثر من 20 مكاناً تنقلت بينهم في كل مراحل حياتك القصيرة، وهذا كثير نوعاً ما بالنسبة لقلب مشوه. تحتاج إلى أن تشعر بالملل فعلا من مكان ما، أي مكان... لا أن تتركه فجأة بسبب طردك منه أو خطفك منه أو لأن هذا هو الحل الوحيد لاستكمال حياتك.

الدرس الأخير: انس الأماكن، انس المارين بحياتك، انس كل شيء إلا الحقيبة.

9 comments:

Yasmine Adel Fouad said...

Big Wow ..

walaaz said...

:)
الحقيبة مش محتاجة تذكر
ولو نسيتيها مش هتختفى ولا هتتنقل لوحدها
يمكن فى حاجة تانية هى اللى محتاجة متنسيهاش

جميلة يا ملكة
دامت لكى موهبتك

Lobna Ahmed Nour said...

مؤثرة جدا وحقيقية جدا جدا
أبدعتي

شيرين said...

جميل جدا الكلام

Masry said...
This comment has been removed by the author.
Masry said...

مشكلة .. انتي بتوصفي حالة صعبة قوي انا عايشها .. رحالة و مش عارف انا راحل فيين , انا فعلا عمري ما كتبت محل الاقانة صح عمري . كل مرة علي ما الورقة المكتوب فيها تبقي سارية اكون انا اتنقلت .
المفروض ان انا الامان لناس تانية و عارف ان فاقد الشيء لا يعطيه
الدرس الأخير: انس الأماكن، انس المارين بحياتك، انس كل شيء إلا الحقيبة.

مش عارف انسي

محمد فكري ( اخر من الاخرين )

Noora said...

احييك ايتها الملكه
واذا اردتي ان ابحث لك عن مملكتك في العالم الثاني فأنا ذاهبة الى هناك
:)
مدونتك رائعه

جايدا العزيزي said...

رحيل رحيل

ما الدنيا سوى لقاء وحيل



ايتها الغاليه

هناك رحيل يقتلنا ورحيل يكسرنا


ورحيل يداوى جراحنا


تحياتى

مَلَكة said...

ياسمين

:)

ولاء

يمكن

unique
شكرا كتير :)

شرشر
من ذوقك :)

محمد
عاش من شافك...مش فاكرة اخر مرة كنت فيها هنا..من كتير بجد يعني
حاجة توجع بس مش يمكن كل واحد فاقد للأمان يحاول يتعكز على غيره ربما يكملوا حتة امان سوا يعرفوا يعيشوا بيها؟
رد متخاذل انا عارفة بس لو عندي غيره ينفع كنت كتبته!
ماتتأخرش كتير كدة تاني بقى

حنان
لو لقيتيه قوليله شكله ايه يمكن اكون راضية عن اللي انا فيه دلوقتي وانا مش واخدة بالي :)
منورة

جايدا
والرحيل الأخير
أكثرهم شيوعاًً
ومطلوب جدا دلوقتي..